يره في سجل حسابه ويحزنه ذلك، وفي الأثر:" من زادت حسناته على سيئاته مثقال ذرة دخل الجنة ". وروى أحمد في مسنده عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه ".
والآن وقد فرغنا من تفسير سورة " الزلزلة " نستعين بالله على تفسير سورة " العاديات " المكية، وهي ثالث وآخر سورة في هذا الثمن، وفي مطلعها قسم من الله عظيم، بالخيل التي جعلها الله قوة للجهاد في سبيله، والدفاع عن دينه، فكانت عدة الفتوحات الإسلامية في مختلف بقاع الأرض، وذلك قوله تعالى بعد البسملة:{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا}، أقسم بخيل الغزاة المجاهدين في سبيل الله، " العاديات ضبحا "، أي: التي تجري وتعدو عند سيرها، و " تضبح " أثناء عدوها، و " الضبح " هو الصوت الذي يسمع من جوف الخيل حين تعدو، " الموريات قدحا "، أي: التي ينقدح الشرر من حوافرها إذا أصابت سنابكها الحجارة بالليل، " المغيرات صبحا " أي: التي تغير على الأعداء وقت الصباح، ولا تباغتهم في ظلام الليل، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير صباحا ويستمع الأذان، فإن سمع أذانا أمسك وإلا أغار.
وقوله تعالى:{فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا}، وصف لما يقوم به فرسان الإسلام، وتقوم به خيلهم، من إثارة الغبار، عندما تقبل على ساحة المعركة، فتتوسط جموع الأعداء، وتخترق صفوفهم بكل شجاعة وحماس.