{وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ}، أي: أبرز ما كان مكتوما فيها من النيات والسرائر، {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ}، أي: إنه سبحانه سيفاجئ الناس يوم القيامة، بأنه كان مطلعا على جميع أعمالهم وتصرفاتهم، وأنه سيحاسبهم عليها بمقتضاها، {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}(الكهف: ٤٩).
ومن هنا ننتقل إلى سورة " القارعة " المكية، و " القارعة " أحد الأسماء التي تطلق في كتاب الله على يوم القيامة، كالحاقة، والطامّة، والصاخّة، والغاشية، وفي هذه السورة يصف الحق سبحانه بعض أهوال الساعة ومشاهدها الرهيبة، ولا سيما ما يصيب الإنسان عند قيامها من ذهول واضطراب، وما يصيب الجبال من نسف وخراب، وما ينال السعداء والأشقياء من ثواب وعقاب، وذلك قوله تعالى بعد البسملة:{الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ}، أي: يوم يكون الناس في حيرة وذهول، متفرقين شذر مذر، كالفراش الذي أعشى النور بصره، فانتشر من حوله، وتراكم بعضه على بعض، لا يدري ماذا يصنع، {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ}، أي: تصبح الجبال التي كانت أوتادا صلبة ترسي الأرض في منتهى الرخاوة واللين والتفتت، كأنها صوف منفوش تذروه الرياح، {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}، أي: فأما من رجحت حسناته على سيئاته، فثقلت كفة الحسنات في ميزانه، فهو في عيشة خالدة يرضى عنها الله، ويرضى عنها عبده كل الرضى، إذ يرى فيها وفاء من الله بوعده، {إِنَّ اللَّهَ لَا