طريق القوافل التجارية، التي كانت تسير في الشتاء إلى اليمن جنوبا، وفي الصيف إلى الشام شمالا.
وقوله تعالى:{فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}، دعوة من الله لقريش أن يشكروا نعمته عليهم، وأن يطهروا بيته الحرام من الأصنام والأوثان، إذ " البيت الحرام " بيت الله، ولا رب للبيت يستحق العبادة سواه. قال القشيري:" ووجه المنة في الإطعام والأمان هو أن يتفرغوا إلى عبادة الله، فإن من لم يكن مكفي الأمور لا يتفرغ إلى الطاعة، ولا تساعده القوة ولا القلب إلا عند السلامة بكل وجه، وقد قال تعالى:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ}(البقرة: ١٥٥)، فقدم " الخوف " على جميع أنواع البلاء ".
وتُواجهنا بعد ذلك سورة " الماعون "، وهذه السورة تكشف النقاب عن سريرة المكذبين بالبعث والجزاء، وأن الدافع لهم إلى التكذيب بالنشأة الآخرة هو علمهم بأنهم ليسوا على شيء، وخوفهم من سوء العاقبة، لما هم عليه من قبض في اليد، وغفلة في الفكر، وقسوة في القلب، ورياء للناس، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى بعد البسملة:{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ}، أي: يكذب بالميعاد والجزاء، {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ}، أي: يظلمه ويقهره ولا يحسن إليه، {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}، أي: ساهون عن فعلها بالمرة، أو ساهون عن أدائها في الوقت المقرر لها شرعا، أوساهون عن الخشوع فيها، والتدبر لمعانيها. قال ابن كثير: " فهذا