اللفظ يشمل ذلك كله. ولكل من اتصف بشيء من ذلك قسط من الآية، ومن اتصف بجميع ذلك فقد تم له نصيبه منها، وكمل له النفاق العملي، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق "، الحديث.
وقوله تعالى:{الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ}، أي: الذين يراءون الناس بأعمالهم وعباداتهم، ويفعلونها من أجل رؤية الناس، {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}، أي: يمنعون بذل المعروف كما فسره محمد بن كعب. قال عكرمة:" رأس الماعون زكاة المال، وأدناه المنخل والدلو والإبرة ". وقال ابن كثير:" هذا الذي قاله عكرمة حسن، فإنه يشمل الأقوال كلها، وترجع كلها إلى شيء واحد، هو أن المراد " بمنع الماعون " ترك المعاونة بمال أو منفعة".
والآن فلنقف وقفة خاصة عند سورة " الكوثر "، والخطاب الإلهي في هذه السورة الكريمة موجه إلى الرسول عليه السلام، وهي تتضمن امتنان ربه عليه بما أعطاه من الخير الكثير في الدنيا والآخرة، كما تتضمن أمره بالاستمرار على ما هو عليه من التوجه إلى الله في صلاته ونسكه في كل حين، وذلك قوله تعالى بعد البسملة:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، قال ابن عباس:" الكوثر هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه "، وقيل لسعيد بن جبير:" إن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة "، فقال سعيد:" النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه ". وروي عن أنس وأبي العالية ومجاهد وغير واحد من السلف:" أن الكوثر نهر في الجنة ".