للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}، أي: أخلص صلاتك لربك، وبذلك تخالف المشركين الذين يعبدون غير الله، وأخلص نحرك لربك، وبذلك تخالف المشركين الذين لا يذكرون على ذبائحهم اسم الله، على غرار قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (الأنعام: ١٦٢، ١٦٣)، قال ابن كثير: (والصحيح أن المراد " بالنحر " ذبح المناسك، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العيد ثم ينحر نسكه ويقول: " من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له ").

وقوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}، دفاع من الله عن كرامة رسوله، فقد تهجم أبو لهب على مقام الرسول عليه السلام، وقال عنه: إنه " قد بتر " لوفاة ابنه الذكر، وكان العرب يقولون ذلك لمن مات أولاده الذكور، يريدون أنه إذا مات الابن الذكر أصبح أبوه " أبتر "، وانقطع ذكره، غير أن " أبا لهب " الذي شنأ الرسول عليه السلام، ومثله كل من حمل لرسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة أو بغضا، هو الذي بتره الله من الوجود. وقد كتب قلم القدرة اسم " محمد " وآله الطاهرين في سجل الخلود، وها هو ذكره باق على رؤوس الأشهاد، وحبه يملأ في دنيا الإسلام كل فؤاد.

ومن هنا ننتقل إلى سورة " الكافرون " وهذه السورة عبارة عن " براءة " من الشرك والمشركين، والكفر والكافرين، يعلنها كل مسلم في كل حين، بتصميم وعزم ويقين: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>