الرَّحِيمِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، على حد قوله تعالى في آية أخرى:{وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ}(يونس: ٤١)، قال القشيري:" والعبودية لله هي القيام بأمره على الوجه الذي به أمر، وبالقدر الذي به أمر، وفي الوقت الذي فيه أمر ".
والآن نستقبل سورة " النصر " المدنية، وهذه السورة بشارة من الله لرسوله بما سيناله الإسلام من الظهور والانتشار، في مختلف الديار، وما سيقع من تسابق بين الأمم والشعوب على اعتناقه، وتفان في سبيل رفع رايته ومد رواقه، وذلك قوله تعالى:{بسم الله الرحمن الرحيم إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا}، أي: يسلمون جماعات جماعات، شعوبا وقبائل، {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}.
قال ابن كثير:" والمراد (بالفتح) هنا فتح مكة قولا واحدا، فإن أحياء العرب كانت تتلوم بإسلامها فتح مكة، يقولون: إن ظهر على قومه فهو نبي. فلما فتح الله عليه مكة دخلوا في دين الله أفواجا، فلم تمض سنتان حتى استوسقت له جزيرة العرب إيمانا، ولم يبق في سائر قبائل العرب إلا مظهر للإسلام، ولله الحمد والمنة ".
ومن المعاني التي فهمها ابن عباس من هذه السورة ووافقه