فلنستمع إلى الحق سبحانه وتعالى كيف يخاطب رسوله في هذا المقام:{وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
ومما يلاحظ هنا أن جملة {لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} تكررت مرتين متتابعتين، في سياق هاتين الآيتين، إشارة إلى أن حزن رسول الله إنما كان من أجل الله لا من أجل نفسه، كما أنها تؤكد أن جميع المحاولات التي يحاولها الكافرون بالله وبدينه لن تقف عقبة كأداء في وجه انتشار الإسلام، ولن تحول دون انتصاره في مستقبل الأيام، فسينتشر دين الله في جميع أرجاء الأرض، وسيفرض وجوده على العالم، ولن تقف العقائد المضادة في وجه انتشاره زمنا طويلا {وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا}.
وفي هذا الربع آية كريمة تنعى على البخلاء بخلهم مرة أخرى، وتدعو المسلمين إلى البذل والإنفاق في سبيل الله، ترفيها عن أمتهم، وتدعيما لدولتهم، وتعرفهم بأن ما يكسبونه من ثروة إنما هو وديعة من الله بين أيديهم استخلفهم فيها، فلا ينبغي لهم أن يبخلوا بالعطاء من مال الله في سبيل الله، وذلك قوله تعالى:{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.
وقوله تعالى:{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}. ليس