وفي هذا السياق يجدد كتاب الله مرة أخرى بيان الحكمة الإلهية في ابتلاء المؤمنين وتمحيصهم بالنكبات والتضحيات، فيقول سبحانه وتعالى:{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}. إذ في مثل هذه الوقائع والمواقع ترفع الحجب وتهتك الأستار. قال مجاهد: ميز بينهم يوم أحد، وقال قتادة: ميز بينهم بالهجرة والجهاد.
ومن الحديث عن المؤمنين الذين اتبعوا الشهداء بإحسان اتجه الخطاب الإلهي مباشرة إلى نبيه الأعظم يواسيه ويترفق به، في صيغة تدعو إلى السلوى والعزاء وترك الحزن جانبا، ذلك أن رسول الله -شفقة منه على الناس، وحرصا على خيرهم ونجاتهم- كان يحزن أشد الحزن لاستمرار المنحرفين في انحرافهم، وإصرار الكافرين على كفرهم {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}.
ومضى الخطاب الإلهي يهدئ روع نبيه، ويجدد له الوعد بما ينتظره وأمته من الفتح المبين والنصر المكين.