وقوله تعالى في وصف الذين يذكرون الله ويتفكرون في خلقه:{يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} معناه بالأصالة أن هذا الصنف من المؤمنين قد بلغوا من الحساسية واليقظة والوعي ما جعلهم لا يغفلون أبدا، بل يستغرقون في الذكر والفكر في كل الأحوال، لا فرق عندهم بين قيام وقعود، ولا بين وقوف ومشي، ولا بين اضطجاع على الجنب واستلقاء على الظهر، إذ الفكر الذي يدفع إلى الذكر إنما هو جوهر روحاني، ومصباح نوراني، يستطيع أن يقوم بوظيفته في كل الأحوال، ولا يتعطل عنها بحال، كما يصدق بالتبع على ذكر الله في الصلاة، فقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين (صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنبك) وهذا هو من باب التيسير والتخفيف، بالنسبة لبعض الأعذار الطارئة على التكليف.