وَالْيَتَامَى} وقال تعالى:{قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى}.
وسبقت في سورة البقرة آية أخرى في شأن اليتامى تبين إلى أي مدى اهتم المسلمون بأمرهم، حتى أخذوا يستفسرون الرسول عن حكم الله فيهم، وهي قوله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
وبمقتضى هذه الآية رخص الإسلام للقائمين بحضانة اليتامى وكفالتهم في مخالطتهم في العيش، بدلا من عزلهم واعتزالهم كما وقع من بعض الناس، حيث تحرجوا من مخالطتهم واعتزلوهم {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ} إلا أن كتاب الله يأمر بأن يقتصر الغرض من مخالطة اليتامى على إصلاحهم وإصلاح أموالهم، وتحقيق ما فيه نفع لهم ورفق بهم، واعتبر ذلك عملا من أعمال الخير إذ قال:{قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} ولا يرضى الإسلام بأن تكون مخالطتهم مجرد ذريعة إلى تحقيق منفعة المخالط ومصلحته الخاصة، على حساب اليتيم، فذلك أشبه بالإفساد منه بالإصلاح {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} إذ لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
ومما تجب ملاحظته في هذه الآية وصف الحق سبحانه وتعالى لليتامى بوصف (الأخوة) التي تقتضي مزيدا من العطف والتكافل بين الإخوة {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} وكلمة (الإصلاح) التي استعملها كتاب الله في شأنهم يمكن تعميمها على سائر وجوه الإصلاح بما يشمل الناحية التربوية والناحية المادية معا.