وفي الربع الماضي من سورة النساء تولى كتاب الله الحديث عن اليتامى أيضا فقال تعالى:{وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} بمعنى أن القائمين بحضانة اليتامى وكفالتهم يجب عليهم صيانة أموال اليتامى وحفظها لهم، إلى أن يأنسوا منهم الرشد، وإذ ذاك يجب عليهم بحكم هذه الآية أن يدفعوا إليهم أموالهم كاملة غير منقوصة.
ثم قال تعالى:{وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} بمعنى أن القائمين على اليتامى لا يسوغ لهم أن يحوزوا لنفسهم من ممتلكات اليتامى وأمتعتهم ما هو جيد، ويبادلوهم بما هو رديء، فهذا العمل يعتبره الإسلام نوعا من الخيانة، وضد الأمانة.
ثم قال تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} بمعنى القائمين أن على اليتامى لا يسوغ لهم أن يتحايلوا ويخلطوا أموال اليتامى بأموالهم، حتى لا يتميز رأس مال اليتيم ولا ملكه، من رأس مال القائم عليه وملكه الخاص، لأن هذا النوع من التصرفات والحيل مدعاة إلى الحيف على اليتيم، وذريعة لابتلاع ماله واختلاسه.
ثم قال تعالى:{إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} بمعنى أن هذه التصرفات الملتوية التي تضيع معها معالم مال اليتيم، ويتعرض عن طريقها للضياع، تصرفات حرمها الإسلام، وإثمها عند الله إثم كبير، بحيث تلتحق عنده بكبائر الذنوب لا بصغائرها.
ثم لا يكتفي كتاب الله بهذه الآيات في الحديث عن اليتامى وحقوقهم، بل يخصص آية أخرى في هذا الربع لنفس الموضوع، وذلك قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ