وهذه الآية تتضمن عدة أحكام إلهية تجب طاعتها، ويلزم الوقوف عند حدودها:
- الحكم الأول - وجوب اختبار اليتيم من طرف القائم عليه قبل دفع أمواله إليه، وهذا الاختبار يتم في نظر علمائنا على مرحليتين:
المرحلة الأولى: أن يتأمل القائم على أمر اليتيم أخلاق يتيمه، ويستمع إلى حديثه، ويتعرف على اتجاهاته وأغراضه، ليعرف ما هو عليه من نجابة وضبط، أو غفلة وإهمال.
والمرحلة الثانية: أن يدفع إليه شيئا يسيرا من ماله ويبيح له التصرف فيه إذا توسم فيه الخير، فإن نماه وأحسن النظر فيه فقد تم الاختيار، وليسلم إليه ماله جميعه، وإن أساء النظر في اليسير الذي دفعه إليه وجب عليه إمساك ماله عنه، هذا هو تفسير قوله تعالى:{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} أي بلغوا أول مرحلة تؤهلهم للزواج {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}. ونقل ابن كثير عن سعيد بن جبير في معنى {آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} أي صلاحا في دينهم، وحفظا لأموالهم. وكذا روي عن ابن عباس والحسن البصري وغير واحد من الأئمة، وهكذا قال الفقهاء:" إذا بلغ الغلام، مصلحا لدينه وماله، انفك الحجر عنه، فسلم إليه ماله الذي تحت يد وليه ".