حجية الإجماع وأنه اهتدى إلى ذلك بعد التروي والفكر الطويل:" وهو من أحسن الاستنباطات وأقواها ".
وقوله تعالى:{نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى}. معناه نكله إلى نفسه في رأيه واختياره، ونستدرجه من حيث لا يعلم، على حد قوله تعالى:{فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ}.
وثالث آية في الربع تؤكد من جديد خطورة الشرك بالله، وتقرر مرة أخرى أن هذا الذنب الأكبر على نقيض بقية الذنوب لا غفران له عند الله، بينما غيره يمكن أن يغفره الله لمن يريد، بشرط التوبة وعدم الإصرار.
والسر في ذلك أن الشرك بالله لا يمكن أن يختلط أمره على ذي عقل سليم، وهو ظلم لمقام الألوهية عظيم، إذ أقل نظرة يلقيها العاقل على نفسه وعلى ما حوله ومن حوله تؤكد له وحدانية بديع السماوات والأرض الحكيم العليم، وذلك قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}.
وقوله تعالى:{إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا * لَعَنَهُ اللَّهُ}. إشارة إلى ما تواطأ عليه المشركون من عبادة الشيطان واللات والعزى وما شابههما من الأوثان، وإلى الملائكة الذين وصفوهم بالأنوثة والبنوة لله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وفي مثل هذا السياق جاء قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ