ومن تعريض بما ارتكبوه من انحراف عن الحق وانتكاس عن الهدى، حيث عبدوا العجل عندما غاب عنهم موسى، ثم طالبوه برؤية الله عيانا متحدين له عندما عاد إليهم {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ}، {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}.
وواضح أن ما تذمه هذه الآيات وتنعاه على بني إسرائيل، من كتمان للحق، وتلبيس له بالباطل، ونفاق في السلوك، وجرأة على الله، وعناد لرسله، وتجاهل لنعم الله المتوالية وكفران بها-رغما عن أهميتها الكبرى-وإن كان الخطاب به متجها في الأصل إلى بني إسرائيل-ليس قاصرا عليهم وحدهم دون بقية الناس، بل إن ما فيه من الذم والنعي كما ينطبق عليهم بالأصالة، ينطبق بالتبع على جميع من سلك مسلكهم واقتدى بهم في خصالهم المستقبحة وسلوكهم المنحرف، وبذلك تعتبر هذه الآيات تنبيها دائما للمسلمين، وتحذيرا لهم، وإنذارا صريحا للمنحرفين منهم عن سواء السبيل، بسوء العاقبة وقبح المصير.