المؤمن العاقل إلى ما بين الصبر والصلاة من تلازم في الغاية، وإلى ما بين الصبر والصلاة من تكامل في الطبيعة، بحيث يعتبر مجموعهما وكل منهما عونا إلهيا على مجابهة متاعب الحياة، ومددا ربانيا للتغلب على مشاكلها اليومية.
فبالصلاة يقوى الرجاء في الله، ويرتكز الإيمان بالقدر خيره وشره على أقوى أساس، وعن طريق الصلاة يستمد المؤمن الهداية والإعانة من ربه دون انقطاع.
وبالصبر يواجه المؤمن مسؤولياته الملقاة على عاتقه، بحكم أمانة الاستخلاف عن الله، مطمئن القلب، منشرح الصدر، معتصما بالله، معتمدا عليه، وقد تكرر هذا المعنى في نفس سورة البقرة بخطاب إلهي موجه إلى المؤمنين بالذات، إذ قال تعالى:{فَاذكُرُوني أَذكُركُمْ واشْكُرُوا لِي ولَا تَكفُرُونِ} - {يَأَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا استَعِينُوا بالصَّبرِ وَالصَّلاةِ، إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرينَ}.
وقوله تعالى:{كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}. دعوة من الله إلى عباده المؤمنين للإقبال على مائدته، والتناول من بساط رزقه الممدود غير المحدود، لكن مع الاقتصار على (الطيبات) التي أحلها، والاكتفاء بها دون (الخبائث) التي حرمها {وَيُحلُّ لَهُمُ الطَّيَباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الخَبَائِثَ}.
وقوله تعالى:{وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}، وعد إلهي للمحسنين من عباده بالزيادة في رزقهم، وإغداق النعم عليهم، وكما يقتضي منطوق هذا النص وعدا للمحسنين بالمزيد من فضل الله وكرمه،