سيعوضهما عن بعضهما خير العوض، وسيفتح لهما أبواب الأمل والرجاء في زواج أسعد، وعيش أفضل، وذلك قوله تعالى:{وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} وإنما جاءت الآية بهذه الصيغة التي فيها إيماء إلى الرضى والعطف والمصادقة على الفراق، لأن الفراق في هذه الحالة أصبح هو الحل الوحيد لمشكلة سبق لها أن تأزمت، واتخذت لحلها جميع الوسائل دون جدوى، فكان الفراق هو المخرج الوحيد منها، بمنزلة العملية الجراحية التي يلجأ إليها في نهاية مراحل العلاج، بعد استنفاد المراحل الأخرى كلها.
وقوله تعالى:{وَاسِعًا حَكِيمًا} في هذا السياق، مطابقان كل المطابقة للمشكل القائم الذي حله الإسلام عن طريق الطلاق، ففي سعة رحمة الله وعظيم فضله ملاذ لكل من الزوجين المتفارقين، وفي إذن الله بالفراق بعد استنفاد وسائل الوفاق، منتهى الحكمة في القضاء على أسباب الخلاف والشقاق.
ثم انتقل كتاب الله في نفس هذا المقام إلى التذكير بفريضة التقوى وعدم التعدي لحدود الله، مبينا أن التقوى وصية عامة وصى الله بها أهل الكتاب كما وصى بها المسلمين على السواء، وشأن الوصية من الناس بعضهم لبعض أن توضع موضع الاحترام والتنفيذ، وأن لا يقع فيها تبديل ولا كتمان، فما بالك بوصية الله المنزلة في كتبه، المنقولة على الناس على لسان رسله؟ إنها أجدر الوصايا كلها وأحقها بالتنفيذ الدقيق والاحترام التام.
وكأن في هذا التذكير إشارة إلى أن من اعتصم بتقوى الله