للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} أي لا ترعاه لغناه، ولا تشفق عليه لفقره، فحق الله أولى بالرعاية والإشفاق، كما أنه لا يسوغ لك الميل بالهوى مع الفقير والتساهل معه لضعفه، والميل على الغني والتحامل عليه لغناه، فكن مع الحق أينما كان، واتبع الحق حيث كان {فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} أي لا يحملكم الهوى على ترك العدل، بل ألزموه في كل حال كما في الآية الأخرى {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} أي إذا حرفتم أو ماطلتم، أو غلبتم الهوى وتجنبتم العدل فإن الله تعالى لا يغيب عن علمه ما عملتم من تحريف أو انحراف، بل يعلمه ويؤاخذكم عليه.

وقد سبق لنا في نفس هذه السورة-سورة النساء- قوله تعالى في موضوع العدل والأمانة: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}.

وفي آيات هذا الربع عود على بدء، بالنسبة لاتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، فها هنا يندد الحق سبحانه وتعالى مرة أخرى بموالاة الكافرين من دون المؤمنين ومصادقتهم والتودد إليهم، ويحذر من اتخاذهم بطانة قريبة تطلع على الأسرار والأخبار، وفي نفس الوقت ينعى كتاب الله على المنافقين كونهم اتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين، ويكشف الستار عن سرهم الدفين، مبنيا أن غرضهم الحقيقي من موالاتهم، وهدفهم الأول من الارتباط

<<  <  ج: ص:  >  >>