ويوجه كتاب الله خطابه إلى أهل الكتاب من النصارى واليهود، مبينا لهم أن الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام جاء ليظهر الكثير مما كانوا يخفونه في كتبهم، وليبرز حقيقة الوحي الإلهي لهم خاصة وللناس عامة، وليخرجهم من الظلمات إلى النور {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}.
ثم يواجه كتاب الله العقيدة الباطلة التي يعتقدها النصارى في المسيح ابن مريم وأمه منها، ومذكرا بعبوديتها لله، وخضوعهما لمشيئته، ونزولهما عند إرادته {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا}.
ويتناول كتاب الله بالأخص ما يمني به اليهود والنصارى أنفسهم، وما يعتقدونه، لمن هو منهم وعلى شاكلتهم، من منزلة عند الله، والمكانة الخاصة لديه دون بقية الناس، ثم يكر الخطاب الإلهي على دعواهم بالنقض والإبطال، مبينا لهم أنهم {بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ} لا أقل ولا أكثر، فهم لا يفضلون، غيرهم بأي فضل ذاتي، مهما ادعوا لأنفسهم من الدعاوى، ومهما تمنوا على الله من الأماني {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ}.