ويتجه الخطاب الإلهي مرة أخرى إلى أهل الكتاب مباشرة، لافتا نظرهم إلى الرسول الأعظم الذي أرسله الله ليبين لهم الحق، على حين فترة من الرسل، وليقيم عليهم الحجة حتى لا يقولوا:{مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ}{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
ثم يحكي كتاب اللهثم يحكي كتاب الله للناس أجمعين قصة موسى مع قومه، وما وجهه إليهم من ذكرى وموعظة عسى أن يذكروا نعمة الله فيقابلوها بالشكر والطاعة، فقد جعل الله فيهم من الأنبياء والملوك ما لم يجعله في غيرهم من معاصريهم، وآتاهم من نعمه ما لم يؤت بقية الناس في عهدهم، لكنهم كفروا بنعمه، ولم يحفلوا بالميثاق الذي واثقهم عليه، ولم يجاهدوا في سبيله.
وذلك هو السر في جبنهم وتراجعهم أمام الأرض المقدسة وهم على أبوابها، وفزعهم من القوم الذين استولوا عليها فزعا جعلهم يصرخون في وجه نبيهم موسى، ويعلنون براءتهم منه ومن ربه كما حكى الله عنهم في كتابه المبين:{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ * يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} - {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا