وتهالك على أكل أموال الناس بالباطل عن طريق الرشوة والربا {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} - {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ}.
ويلفت كتاب الله نظر الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم إلى ما قد يحاوله اليهود من تحكيمه في بعض شؤونهم الملية، بالرغم عن وجود الأحكام الخاصة بتلك الشؤون منصوصا عليها في التوراة التي يدعون التزامهم لها، وإيمانهم بها، منبها إياه إلى أن غرضهم من مثل هذه المحاولات هو تفاديهم لأحكام التوراة، التي أخذوا يشعرون أنها - بالنسبة لأحكام الإسلام - أحكام قاسية تقضي بعقوبات مغلظة، تاركا للنبي صلى الله عليه وسلم الخيار حسب الظروف، فإن شاء الحكم بينهم طبقا لطلبهم تدخل وحكم، وإن فضل الأعراض بالرغم من طلبهم لم يتدخل ولم يحكم، داعيا له إذا رجح التدخل والحكم، طبقا لطلبهم، إلى أن يحكم بينهم بالعدل المجرد، دون أي اعتبار للأغراض والأهداف التي قصدوها من وراء التحاكم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، بدلا من التحاكم مباشرة إلى التوراة.
وبهذه المناسبة نوه كتاب الله بالتوراة التي أوحى الله بها إلى موسى، ولم يكتم أن في التوراة بالصيغة التي أنزلت عليها هدى ونورا، وإن كان القرآن الكريم مهيمنا على جميع الكتب المنزلة من قبله، وناسخا لما انتهى وقت العمل به منها. وذلك قوله تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ