وكلمة (الْمُقْسِطِينَ) في هذه الآية هي نقيض كلمة (القاسطين) التي وردت في آية أخرى، فالمقسط من عدل {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} والقاسط من ظلم {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}.
وقوله تعالى:{بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ} إشارة إلى أن حفظ التوراة كان أمره موكولا إلى أحبار اليهود وعلمائهم أنفسهم، ولذلك وقع ما وقع من التحريف والتبديل عندما تهاونوا بحفظها والمحافظة عليها، وأخذوا يشترون بآياتها ثمنا قليلا، بخلاف القرآن العظيم فقد تعهد بحفظه رب العالمين الحفيظ العليم، ولم يكل الأمر إلى أحد من خلقه فقال:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} وذلك هو السر في بقائه محفوظا مصونا من كل تحريف أو تغيير إلى يوم الدين، وهو السر في خلود وصمود لسان القرآن العربي المبين، رغما عن الحرب الدائرة، الخفية والظاهرة، التي تشهرها عليه القوات المعادية والمكابرة.