أما الذين أسلموا من المشركين والكتابيين وكافة الأمم والملل فكتابهم الوحيد هو مسك الختام للوحي الإلهي وخاتمة كتبه المنزلة، وهو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والذي هو في آن واحد مصدق لما بين يديه، ومهيمن عليه، أي أنه مصدق لما في الكتب السابقة من حقائق إيمانية، وتشريعات سماوية، وتوجيهات إلهية، لكنه حاكم عليها كلها، بمعنى أن ما ينسب إليها إن أثبته وصدقه كان حقا وصدقا، وإن نفاه وكذبه كان زورا وبهتانا، وإن أقر منها تشريعا كان تشريعا للمسلمين كما هو تشريع لمن قبلهم، وإن نسخ منها تشريعا وألغاه اعتبره المسلمون كأن لم يكن.
يضاف إلى ذلك أن كتاب الله يعتبر في الدولة الإسلامية هو الدستور الأساسي العام، الذي يعيش في ظله جميع المتساكنين في دار الإسلام، من كافة الملل والأقوام، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ}.
وقوله تعالى في سياق هذه الآيات:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} - {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} تنبيه إلى أن خصوم الشريعة الإلهية في الأرض هم ثلاثة أصناف:
١ - كافرون: لا يؤمنون بالله ولا برسله ولا بكتبه، فهم يفضلون شريعة الغاب على شريعة الكتاب.