يستعملها القرآن الكريم صيغة (اجْتَنِبُوا) كما ورد في هذه الآية وغيرها من الآيات، مثل قوله تعالى في سورة النحل {وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}، وقوله تعالى في سورة الحج {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}، وقوله تعالى في سورة الحجرات:{اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} الآية، فكل ما ورد في هذه الآيات بعد صيغة اجتنبوا يعتبر في الشريعة من المحرمات المقطوع بتحريمها.
ثم يعقب كتاب الله على ذلك كله بقوله:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا}، منبها إلى أن شارب الخمر ولاعب القمار هما عمليا في حرب مع الله ورسوله، مجاهران لله ولرسوله بالعصيان، متمردان على طاعته، متهاونان بأحكام شريعته.
وإذا كان المتمرد على سلطة المخلوق مثله يتعرض لأشد أنواع العقاب، جزاء تمرده وعصيانه، فما بالك بالمخلوق المتمرد على سلطة الخالق القاهر فوق عباده، ماذا يكون مصيره بين يدي الله؟ يوم لا ينفعه إلا طاعة الله وتقواه وما قدمت يداه، وذلك هو معنى قوله تعالى:{وَاحْذَرُوا} بعد قوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} أي احذروا مغبة عصيانكم لله، فقد تكون العاقبة أوخم عاقبة، وقد تكون الخاتمة أسوء خاتمة، فأطيعوا الله ليثبتكم في أحرج المواقف، ولا تلقوه وأنتم سكارى عند سكرات الموت، وكونوا من أهل الإيمان والإذعان، حتى ينعم الله عليكم في مواقف الحيرة والفزع بالثبات والاطمئنان، قال تعالى:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}.