وبديهي أن إدراك هذه الحقائق الثلاث كاف لأن يجعل من له مسكة من العقل، وأقل حظ من التفكير، وأبسط نصيب من الملاحظة، مؤمنا بالله من أعماق قلبه حق الإيمان، بعيدا كل البعد عن الشرك بالله وعبادة الأصنام والأوثان، ولا يصعب عليه أن يستخلص هذه الحقائق جميعا من قوله تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}.
وقوله تعالى:{ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} يمكن أن يحمل على أنه وارد في سياق ما سبق من قوله تعالى: {وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ}. وقوله تعالى:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} فيكون مرده كسابقه إلى الأحياء بأجسامهم، الموتى بقلوبهم، وهم المشركون الذين لا يستيقظون من سباتهم العميق إلا على أهوال النشر والحشر.
ويمكن أن يعود الضمير فيه إلى أقرب مذكور، ويحمل على معنى أن الأحياء من غير الإنسان ستحشر أيضا كما يحشر الإنسان، على حد قوله تعالى:{وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} وكلا المعنيين صحيح لغة وشرعا.