تساعد الإنسان على الوصول بنفسه إلى إدراك عقيدة التوحيد الأساسية، متى أحسن التأمل فيها، واستخلص العبرة منها.
- الحقيقة الأولى- أنه ما من جنس جنس، ونوع نوع، وصنف صنف من أجناس الأحياء وأنواعها وأصنافها إلا وله من الخصائص والصفات المشتركة، والنواميس الثابتة لسائر أطوار حياته ما يجعله {أمة واحدة} مشابهة لما في النوع الإنساني نفسه، من أمم مختلفة الألسنة ومختلفة الألوان. ولا تقل حكمة الله في بقية خلقه، وعنايته بتدبير أمره، عن عنايته بالإنسان وتدبيره لأمره، وحكمته في خلقه.
- الحقيقة الثانية - أن كل ما خلق الله من عوالم الأحياء على تعدد أجناسها، وتنوع أنواعها، واختلاف أصنافها، هو في نهاية الأمر كما في بدايته شيء واحد متماثل، ونظام واحد متكامل، لأنه انبثق عن خالق واحد نفخ فيه الروح، له الخلق والأمر، وهو الحي القيوم.
- الحقيقة الثالثة - أن الحق سبحانه وتعالى الذي انفرد بخلق كل شيء قد انفرد أيضا بتدبير كل شيء، فما من شيء صغر أو كبر، جل أو حقر، إلا وهو محل العناية الإلهية، بحيث لا يلحقه أدنى تفريط ولا إهمال {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}.
وما من جزء من أجزاء الكون إلا وهو يسير إلى مصيره المحتوم، وفق تدبير محكم ونظام مرسوم، لا يتخلف عنه قلامة ظفر، فمشيئة الله هي القانون الحتمي الأول، وتدبير الله هو القانون الحتمي الأخير.