عليها بعض أهل الكتاب، ألا وهي نسبة البنين والبنات إلى الحق سبحانه وتعالى الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد، كقول المشركين " الملائكة بنات الله " وقول اليهود " عزيز ابن الله " وقول النصارى: " المسيح ابن الله "{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ * بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
ومنها قوله تعالى:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}. وهو يتضمن الإشارة إلى أدب الدعوة في الإسلام، وأن المشركين بالرغم من سفاهة عقولهم وفساد عقائدهم لا ينبغي للمسلمين أن يوجهوا السب واللعن إلى معبوداتهم الباطلة، إذ لها من الحرمة في نفوس المشركين والقداسة في معتقداتهم ما قد يحملهم على مقابلة السب بمثله، واللعنة بأختها، وبذلك يكون المسلمون قد تسببوا في تجرؤ المشركين على مقام الله الأقدس، وجنابه الأعلى.
قال القاضي أبو بكر " ابن العربي ": " اتفق العلماء على أن معنى هذه الآية: لا تسبوا آلهة الكفار فيسبوا إلهكم، وكذلك هو. فإن السب في غير الحجة فعل الأدنياء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(لعن الله الرجل الذي يسب والديه. قيل يا رسول الله: وكيف يسب والديه. قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه). فمنع الله في كتابه أحدا أن يفعل فعلا جائزا يؤدي إلى محظور، ولأجل هذا تعلق علماؤنا بهذه الآية في " سد الذرائع "، وهو كل عقد جائز في الظاهر يؤول أو يمكن أن يتوصل به إلى محظور.