وأقل تفكير في هذه العطايا الإلهية، والهبات الربانية المتوالية، يبعث الإنسان على الإيمان بالله والاعتراف بربوبيته، ويدفعه إلى محبته وطاعته، فالإنسان في كل حركة من حركاته، أو سكنة من سكناته، إنما يتقلب في نعمة الله الوافرة، وفي رحمته الواسعة، ولو وكل إلى نفسه لحظة واحدة، بل لو حرم من إمداد الحق ثانية واحدة، لذهب في خبر كان، ولم يبق منه عين ولا أثر.
أما المجموعة الثانية في هذا الربع، وهي الآيات التي يدور الحديث فيها عن التنديد بالشرك والمشركين، فمنها قوله تعالى:{وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ} وهو يتضمن الإشارة إلى ما كان شائعا بين مشركي العرب من الاعتقاد في تأثير الجن، وفي أن لهم القدرة على الضر والنفع بواسطة الكهان والأصنام والأوثان، وها هنا تستغرب الآية أن يكون الجن شركاء لله وأندادا له، وهم لا يزيدون عن أن يكونوا من جملة عباده المخلوقين المقهورين، {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}.
ومنها قوله تعالى:{وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ} وهو يتضمن الإشارة إلى عقيدة وثنية أخرى اختلقها المشركون، وتابعهم