من المناكر والفواحش والضلالات، معرضين عن الله، متنكرين لجميع الرسالات، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ}، وقوله تعالى:{وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}.
واتجه خطاب الله إلى الحديث عن موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من ضلالات المشركين ودعاويهم الباطلة، والتأكيد على أنه غير مستعد للتحاكم إلى أهوائهم وأوهامهم، وأنه لا يرتضي حكما في النزاع القائم بينه وبين المشركين حول عقيدة التوحيد إلا الحق سبحانه وتعالى، فهو الحكم الوحيد الذي ترضى حكومته عند رسوله والمؤمنين، لاسيما وقد فصل في كتابه المبين الذي أنزل على رسوله الصادق الأمين بلسان عربي مبين، دلائل الحق الصراح الذي لا جدل فيه ولا مراء، والذي فيه غاية الهدى وكل الشفاء، وذلك قوله تعالى في إيجاز وإعجاز:{أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} - {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ}.
ثم نبه كتاب الله مرة أخرى إلى أن هذا الكتاب المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ليس بدعا من الكتب، بل هو من جنس الكتب الإلهية التي أنزلها على رسله السابقة، فهو حلقة من سلسلة النور الممدودة من السماء إلى الأرض، وهو وإن كان خاتم الكتب الإلهية والمهيمن