للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}، فقد حملها بعض المفسرين على استخلاف البشر عموما، وحملها بعضهم على استخلاف المسلمين خصوصا، وهي صالحة لكلا الوجهين عند التحقيق، إذ لا تعارض بينهما:

أما تفسيرها على الوجه الأول وهو أن الخطاب فيها موجه إلى عموم البشر، فمعناه أن الله تعالى قد اقتضت حكمته أن يتعاقب البشر على عمارة الأرض جيلا بعد جيل، بحيث لا ينقرض منهم جيل حتى يكون جيل آخر قد خلفه في عمارتها، إلى أن يحين أجل الفناء، لكل من عليها من الأحياء، كما تنبه الآية في نفس الوقت إلى ما يوجد من تفاوت بين الناس في الدرجات وفي المقامات، تبعا لتفاوتهم في الطباع والأخلاق، والطاقات والأرزاق، وتشير الآية بعد ذلك إلى ما يؤدي إليه هذا التفاوت من ابتلاء للبشر وامتحان، وسباق في الرهان، مما يتعرض معه الإنسان - إن أساء - للحساب والعقاب، وإن أحسن استحق المغفرة والرضوان، على غرار قوله تعالى في آية ثانية: {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} - " يونس - ١٤ " وقوله تعالى في آية ثالثة {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} - " هود - ٦١ ".

وأما تفسيرها على الوجه الثاني، وهو أن الخطاب فيها موجه إلى المسلمين قبل غيرهم، فمعناه أن الله تعالى محقق وعده للمسلمين بالنصر والتمكين، والاستخلاف في الأرض على عباده

<<  <  ج: ص:  >  >>