ونوه كتاب الله مرة أخرى في ختام هذه السورة بملة الإسلام، وهداية رسوله والمؤمنين إليها {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
وضرب كتاب الله المثل للمسلمين كيف يتوجهون إليه في صلاتهم، وكيف يعبدون الله خاشعين مطيعين، وكيف يسخرون جميع طاقاتهم ومواهبهم في سبيله، وكيف يجب أن يحيوا ويموتوا من أجله وابتغاء مرضاته، فلقن الحق سبحانه وتعالى نبيه قائلا ليكون ذلك قدوة لأمته:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}.
قال القاضي أبو بكر " ابن العربي " تعليقا على هذه الآية: " فإن قيل: أوليس إبراهيم قبله؟ قلنا: عنه أجوبة، أظهرها الآن إنه أول المسلمين من أهل ملته "". وقال الزمخشري: " هو أول المسلمين، لأن إسلام كل نبي متقدم لإسلام أمته ". ونبه ابن العربي المعافري إلى أن من يستعمل هذا الابتهال عند افتتاح الصلاة ينبغي أن يقول في آخرها: " وأنا من المسلمين " ولا يقول " وأنا أول المسلمين " إذ ليس أحد بأولهم إلا محمدا صلى الله عليه وسلم ".
وفي هذا الربع آية كريمة ينبغي الوقوف عندها وقفة خاصة، ألا وهي قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ