للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأداء الأمانة وتبليغ الرسالة، ولا يضق صدرك بتكاليف الوحي المنزل، فإنك مؤيد معان، والله المستعان، على غرار قوله تعالى في آية أخرى {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}.

وبهذا التفسير الواضح يصبح وضع الآية في معناها المراد على النحو الآتي: {كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ، لتنذر به وذكرى للمؤمنين، فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ} والتقديم والتأخير أسلوب من أساليب البلاغة المعروفة عند العرب، فقد يقدمون اللفظ على موضعه الطبيعي من الجملة، تنبيها إلى أن معناه هو محور الحديث، وإلى أن السياق مرتبط به أكثر من غيره، حتى يلتفت إليه ذهن المخاطب التفاتا خاصا.

قال القاضي أبو بكر " ابن العربي ": " إن كان " الحرج " هو الشك، فقد أنار الله فؤاده " أي النبي " باليقين، وإن كان هو التبرم، فقد حبب الله إليه الدين وخفف عليه ثقل العبادة، حتى جعلت قرة عينه في الصلاة، وإن كان هو الضيق، فقد وسع الله قلبه بالعلوم وشرح صدره بالمعارف، وذلك مما فتح الله عليه من علوم القرآن ".

وإذا كان الخطاب الإلهي قد توجه إلى رسوله الأعظم صلى الله عليه وسلم مباشرة بوجوب أداء الأمانة وتبليغ الرسالة، دون تهاون ولا تردد ولا اعتذار، فإن توجيه هذا الخطاب الإلهي عن طريقه إلى كافة ورثته من أمراء المؤمنين وعلماء المسلمين يكون من باب أولى وأحرى، إذ لا يبرر إهمال هذا الواجب أو التهاون فيه أي مبرر شرعي أو عقلي، قال القاضي عبد الجبار: " وإذا بعثه الله تعالى - أي بعث نبيه - على الأداء، وتوعده على تركه، فغيره بذلك أولى ".

<<  <  ج: ص:  >  >>