للمسلم، لا أن يكون ظاهره مجرد واجهة براقة تخلب الأبصار، وتخدع الأغرار، وفي نفس هذا المعنى سبق قوله تعالى في سورة الأنعام:{وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} وقوله تعالى في نفس السورة: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ}.
وقوله تعالى هنا:{وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} نبه القاضي أبو بكر " ابن العربي " إلى أن ذكرهما بالاسم الخاص بعد دخولهما في الاسم العام - الفواحش - إنما هو لتأكيد أمرهما قصد الزجر عنهما، نظير قوله تعالى في آية أخرى:{فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} فذكر النخل والرمان بعد دخولهما في الاسم العام - الفاكهة - للتنويه بهما في نفس المقام، " والإثم " عبارة عن الذم الوارد في الفعل، أو عبارة عن نفس الوعيد الذي يتناول الفعل، و " البغي " تجاوز الحد والتعدي على الغير، فكل فعل ذمه الشرع واستقبحه، أو ورد في شأنه الوعيد بالعقاب على لسان الشارع يعتبر فعلا محرما، وفسر بعضهم " الإثم " بأنه الخطايا المتعلقة بالفاعل نفسه، و " البغي " بأنه الخطايا المتعدية منه إلى بقية الناس، وقوله تعالى هنا:{بِغَيْرِ الْحَقِّ} تنبيه إلى أن معيار البغي والظلم الذي يميزه عن غيره هو أن يكون عملا غير مستند إلى أي سند من الحق، لا أن البغي منه ما يكون بحق، ومنه ما يكون بغير حق، فذلك بعيد عن التصور. جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لا أحد أغير من الله، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن) وروى الإمام أحمد بسنده إلى عائشة رضي الله عنها أن رسول اله صلى الله عليه وسلم كان يقول: (يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب، فإن لها من الله طالبا) ورواه