وحزم وحماس وحمية، أي بدون تردد ولا تهاون، وبكل اندفاع واعتزاز، شأن أهل الإيمان الصحيح، والعقيدة الصادقة.
وقوله تعالى بعد ذلك:{وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا} وارد مورد الأمر الأول، لموسى ومن معه، ولكل من جاء بعده، وكلمة الأحسن في قوله {بِأَحْسَنِهَا} يحملها البعض على كل ما كان أرفق وأيسر، بناء على أن كل ما كان أرفق في الدين فهو أحسن، ويحملها البعض على كل ما كان أحوط وأحذر، بناء على أن كل ما كان أحوط للعبادة فهو أحسن، و " لكل وجهة هو موليها " و " لكل مقام مقال ".
وقوله تعالى:{سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} إلى قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا} تهديد ووعيد لكل من تحدى أوامر الله من العباد، أو وقف في وجهها وتصدى لها بالمعارضة والعناد.
ومما يتضمنه هذا التهديد الإلهي الخطير خذلان الله للمتكبرين الفاسقين، وحرمانهم من التوفيق والهداية إلى الحق المبين، وذلك معنى قوله تعالى:{وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}.
ومن المفارقات العجيبة في شأن بني إسرائيل ما حكاه كتاب الله عنهم من أنهم بمجرد ما فارقهم موسى واستخلف عليهم أخاه هارون، وذهب ليخلو بنفسه، ويتمكن من حضور ميقات ربه في الوقت الموعود، عاد إليهم الشيطان بهمزاته ووساوسه، فأعادوا