يعتبر يوم عيد عام، وكما أن يوم موته يكون يوم حداد عام، ثم يستمر حدادهم إلى أن يجدوا عجلا آخر على هيئته، وكانوا يحتفلون بدفنه احتفالا عظيما، ولهذه العجول مقبرة ضخمة بسقارة تعرف باسم السرابيوم.
وكم كان غضب موسى عليه السلام بالغا، وأسفه شديدا، بعد عودته من طور سيناء، إذ وجد بني إسرائيل قد تنكروا لكل ما نالهم من عفو وإحسان، وانزلقوا إلى عبادة الأوثان:{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} لكن أخاه هارون لم يسعه إلا أن يهدئ روعه، مسترحما ومستعطفا، إذ خاطبه كما حكى عنه كتاب الله قائلا:{قَالَ ابْنَ أُمَّ} أي يا ابن أمي، والغرض من هذا التعبير إثارة عطف أخيه موسى عليه وتسكين غضبه، وليس المراد أنه أخوه من أمه لا غير، فموسى وهارون أخوان شقيقان:{إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.
وفي هذا الخطاب المؤثر وصف هارون بني إسرائيل بوصفين اثنين كل واحد منهما أخطر من الآخر، وصف " الأعداء " ووصف " الظالمين " ومن كان عدوا لله ظالما لربه، إذ أشرك به {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} وعدوا لرسوله ظالما له، إذ خان رسوله وحاول قتل خليفته عند تغيبه، ماذا يرجى منه من استقامة وصلاح، وماذا يرجى له من فوز وفلاح. على أن موسى نفسه وصفهم أيضا بوصف " السفهاء " إذ خاطب ربه قائلا في معرض توبيخهم،