وهذه الآيات الكريمة تتناول صفات الرسول صلى الله عليه وسلم التي يشترك فيها مع غيره من الأنبياء والرسل السابقين:{يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} كما تبرز أهم الصفات، التي ميزته أولا {النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} والتي ميزت رسالته عن بقية الرسالات ثانيا: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} أي يضع عنهم التكاليف الثقيلة التي كانت شائعة قبل الإسلام، بمعنى أنه جاء بدين طبعه الله بطابع السماحة واليسر، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(بعثت بالحنيفية السمحة) وقال صلى الله عليه وسلم: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تقل أو تعمل).
وتتناول نفس الآيات صفات أتباع الرسول عليه السلام من صالحي المؤمنين، فهم أهل إيمان وإحسان، وتقوى وإتباع، وهم أهل وفاء وثبات على العهد الذي عاهدوا الله عليه، من نصرة رسوله، وبذل الأرواح في سبيله في كافة الظروف وجميع البقاع: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (١٥٦) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ} - {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
ومما تنبغي ملاحظته هنا ما كررته الآية الكريمة هنا من صفة الإتباع التي هي شارة التكريم والتشريف، وموضع الأفضلية والخيرية للأتباع، فقد كررتها الآية مرتين، بصيغة المضارع الدالة على تجدد العمل حينا بعد حين:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} وبصيغة الماضي الدالة على وقوع الإتباع فعلا، لا قولا،