وعملا لا ادعاء، {وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ} وكان مسك الختام في هذا المقام، تلك الإشارة الكريمة ذات المغزى البعيد، والطالع السعيد، {أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} أي هم الفائزون لا غيرهم، وغيرهم خاسرون حتما، دنيا وأخرى.
وفي قوله تعالى:{فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} نقطة مهمة يجب الوقوف عندها، ذلك أن سورة الأعراف سورة (مكية) و (الزكاة) بالمعنى الذي تعرف به بين المسلمين الآن فريضة (مدنية)، فما معنى (الزكاة) إذن في سورة الأعراف وما ماثلها من السور المكية، مثل سورة فصلت التي ورد فيها في سياق ذم المشركين قوله تعالى:{وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}؟.
والجواب الذي أجاب به المحققون عن مثل هذا السؤال هو أن اسم (الزكاة) أطلق أولا بصفة إجمالية لم يكن فيها تقرير لمقادير خاصة، ولا تعيين لأنصبة معينة، ولما كثر عدد المسلمين بمكة نوعا ما فرض الله على أهل الأموال أن يعطوا للمحتاجين صدقة من زرعهم ونخلهم وثمارهم، بقوله تعالى في سورة الأنعام المكية، وهي من آخر ما نزل بمكة:{كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}. وعندما تألفت جماعة المسلمين بالمدينة من المهاجرين والأنصار قام الأنصار بمواساة المهاجرين، وآثروهم على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، وكانوا يعتبرون تلك العطايا واجبة عليهم، لأن القرآن كرر الأمر بها، وسماها (زكاة) وقرنها بالصلاة، وهكذا كانت الزكاة في أول الإسلام مفروضة على المسلمين بوجه إجمالي غير