هو الاستجارة به من الشر، والالتجاء والاستناد إلى حمايته سبحانه، قال ابن جرير في تفسير هذه الآية:{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ} أي وإما يغضبنك من الشيطان غضب يصدك عن الإعراض عن الجاهل، أو يحملك على مجازاته {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} أي فاستجر بالله من نزغه: {إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أي {سَمِيعٌ} لجهل الجاهل عليك والاستعاذة به من نزغه، وسميع لغير ذلك من كلام خلقه، إذ لا يخفى عليه شيء، و {عَلِيمٌ} بما يذهب عنك نزغ الشيطان، وعليم بغير ذلك من أمور خلقه.
وقال القاضي عبد الجبار:" معنى قوله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ} التحرز من وسوسة الشيطان، لأن الشيطان لا يتمكن من الرسول صلى الله عليه وسلم، وربما كان الخطاب هنا بذكر الرسول صلى الله عليه وسلم والمراد غيره "، أي أن يكون الخطاب الموجه ظاهرا في هذه الآية إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، موجها في الحقيقة عن طريقه إلى أمته، فهي المقصودة به بالذات، حتى تتغلب على ما للشيطان من وساوس وهمزات.
وختمت سورة الأعراف بالتنويه بكتاب الله وهديه، ودعوة كل مؤمن إلى سماع القرآن والإنصات إليه من كل قلبه، وبتعريف المؤمنين أجمعين بما يلزمهم من أدب الدعاء وحسن العبادة، حتى يحظوا بالقبول عند الله ويندرجوا في سلك أهل السعادة، وذلك قوله تعالى في ختام سورة الأعراف:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ * إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ}.