التي يطلق عليها في الشريعة اسم " الفرار من الزحف " فمن ارتكبها وقع في الحرام، واستحق العقوبة المغلظة عليها من " الإمام "، اللهم إلا إذا كان مقصوده من هذا العمل مكيدة العدو، فيظن أن الذي تظاهر بالفرار قد خاف منه ويتبعه، وإذا به ينقض عليه ويقتله، أو كان مقصوده الانتقال إلى صف آخر من صفوف المجاهدين في المعركة، بغية إعانتهم على العدو الغادر، وذلك ما يفصله قوله تعالى في أثناء هذا الربع:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ}{يَوْمَئِذٍ} أي يوم الزحف أيا كان ذلك اليوم، بما يشمل يوم بدر أو غيره من أيام الإسلام، على مدى العصور ومرور الأيام، {إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ} والتحرف للقتال هو أن يظهر الفرار وهو يريد الرجوع، مكيدة للعدو، حتى يقع العدو في الفخ بسهولة، {أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} والتحيز إلى فئة هو أن ينتقل من مكانه الأول إلى موقع جديد في المعركة، وهو يريد إعانة الفئة المشتبكة فيه مع العدو. أما من ولى دبره وفر من الزحف وهو لا ينوي إلا مجرد الإدبار والفرار، دون أن يهتم بما يقع للمسلمين وراءه من هزيمة وانكسار:{فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.
روى البخاري ومسلم في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(اجتنبوا السبع الموبقات. قيل يا رسول الله وما هن قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات).