عماله وطلابه، ونحو نفسه التي بين جنبيه، ففي جميع هذه المجالات، وفيما هو أعلى منها أو دونها، توجد أمانة مقدسة، وتوجد مسؤولية كبرى عن تلك الأمانة، حتى لا يضيعها المؤتمنون عليها فيحسبوا في عداد الخائنين. ومن خان أي نوع من أنواع الأمانة الملقاة على عاتقه في أي مجال من مجالاتها يعد خائنا لله ورسوله في نظر الإسلام، لأنه يعتبر العدو " رقم واحد " للصالح العام.
قال ابن كثير:" والصحيح أن هذه الآية عامة، وإن صح أنها وردت على سبب خاص، فالأخذ بعموم اللفظ لا بخصوص السبب عند الجماهير من العلماء، و " الخيانة " تعم الذنوب الصغار والكبار، اللازمة والمتعدية}.
وأخيرا نبه كتاب الله إلى حقيقة من كبريات الحقائق تبشر المؤمنين وتلقي الطمأنينة في قلوبهم، لا سيما في أوقات الأزمات، والخطوب المدلهمات، وهذه الحقيقة هي أنه كما أنفق مشركو قريش كثيرا من الأموال، واستنفروا العدد العديد من الرجال، لقتال المسلمين وإبادتهم، ورغما عن ذلك باد الشرك وانهزم المشركون، وبقي الإسلام وانتصر المسلمون، فكذلك سينفق خصوم الإسلام بغية القضاء عليه أموالهم، وسيؤلبون عليه- لكسر شوكته- جميع قواهم، لكن عناية الله ستضع حدا لمكرهم، وترد كيدهم في نحرهم، فلا يجنون من نفقاتهم العريضة إلا حسرة وخسرانا، ولا من مؤامراتهم الطويلة إلا هوانا وخذلانا، وذلك ما يتضمنه قوله تعالى في هذا الربع مبشرا للمؤمنين بكتابه، والمتعلقين بأهدابه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ