للدخول تحت حكمها، والتزام القيام بتكاليفها، ومن ثم كان رفضه البات لعذر بني إسرائيل في التخلف عن ركب الإسلام، بدعوى استحالة النسخ وزعم (الالتزام).
وعلاوة على ذلك فإن في قوله تعالى:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}. إشارة خفيفة وتمهيدا مبدئيا لأمر إلهي آخر، سيوحي به الحق سبحانه وتعالى إلى رسوله والمؤمنين خلال فترة قريبة غير بعيدة، ألا وهو الأمر بالتخلي عن استقبال بيت المقدس في الصلاة، بعد استقباله منذ بدء الهجرة حوالي سبعة عشر شهرا، والتحول عنه إلى استقبال البيت الحرام، مما ستوضحه آيات أخرى في الحصص القادمة.
نعم جاءت في حصتنا اليوم آية كريمة تمهد الجو لهذا الحادث المهم، الذي سيخصص للمسلمين قبلة يستقلون بها عن بقية الملل، والآية التي أومأنا إليها تشير للأمر المنتظر بمنتهى الإجمال والإيجاز، وهي قوله تعالى:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
ومن هنا يتجه الخطاب القرآني فجأة إلى المؤمنين محذرا إياهم من تقليد بني إسرائيل في إلقاء أسئلتهم المحرجة، القائمة على روح الجدل والتعنت، فيقول:{أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ}. والتشبه هنا واقع بالأسئلة التي وجهها إلى موسى بنو إسرائيل في شأن البقرة وذبحها، طبقا لما حكته عنهم الآيات السالفة.