ويخصص الخمس الباقي لمصالح المسلمين العامة، ولاسيما لذوي الحاجات منهم، الذين يحمل بيت مال المسلمين عادة عبء الصرف على حاجاتهم الضرورية.
وهذا الخمس العام المردود على ذوي الحاجات من المسلمين هو الذي يطلق عليه كتاب الله هنا {خمس الله والرسول} كما يطلق في عرف الشرع على أي نوع من أنواع الحقوق العامة اسم " حق الله " وإن كان مآل ذلك الحق إلى عموم الناس. {فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} وذلك قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} وفيه تعيين لمصارف الخمس العام.
قال عمر ابن عبد العزيز:" قوله: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} يعني في سبيل الله " وقال عطاء ابن أبي رباح: " خمس الله والرسول واحد ". وقال أبو بكر " ابن العربي ": " إنما ذكر الله نفسه في هذا المقام، تشريفا لهذا الكسب الذي جعله الله من أفضل وجوه الكسب ".
وكلمة " الغنيمة " يراد بها ما أخذ من أموال الكفار بقتال، بينما كلمة " الفيء " - وستأتي في آيات أخرى من كتاب الله - يراد بها ما أخذ منهم بغير قتال، كالأموال التي يصالحون عليها، أو يتوفون عنها ولا وارث لهم، وكالخراج والجزية، وهذا النوع لا يخمس مثل الغنيمة، وإنما يتصرف فيه الإمام بما فيه مصلحة المسلمين، ويطلق عليه لفظ " الفيء " لأن الله أفاءه ورده على رسوله والمؤمنين، ووضعه بين أيديهم لينتفعوا به في مصالحهم العامة، وهم أهل لكل خير،