المسلمين كلمة العذاب، وطرقت ساحتهم المصائب والنوائب من كل باب.
وقوله تعالى في هذا السياق:{وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} إشارة إلى أن للإسلام والمسلمين أعداء ألداء غير ظاهرين، وإلى أنه كما يجب على المسلمين أن يستعدوا لأعدائهم التقليديين المعروفين، فعليهم أن يدخلوا في حسابهم دائما أولئك الأعداء المتسترين الذين يعملون ضدهم في السر والخفاء، بينما يواجهونهم بالكلام المعسول واللين لا بالجفاء:{يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ}. وعداوة هؤلاء الأعداء المتسترين أدهى وأمر، وأنكى وأشد من الأعداء المكشوفين، لأنهم هم الذين يوجهون الآخرين عن طريق جمعياتهم السرية، ويرسمون للباقين خطط تخريب العالم الإسلامي وتدمير مقدساته، ويعرفونهم بالوسائل الفعالة لعرقلة نموه وتطوره:{وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ}. ومن هنا كان عبء المسلمين ثقيلا لاسيما في هذا العصر، وكانت اليقظة الدائمة والاستعداد المستمر أوجب الواجبات، على خاصة المسلمين وعامتهم في جميع الأوقات.
ثم نبه كتاب الله إلى التضامن التام القائم بين أعداء الإسلام، فقال تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}. ومقابل هذا التضامن القائم بين ملة الكفر، والموجه إلى أذى المسلمين، حض كتاب الله على توثيق أواصر الألفة بين المؤمنين، منوها بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، حتى يسلك طريقهم من جاء بعدهم من الأوفياء الأبرار، فقال تعالى: {إِنَّ