وانتقل كتاب الله إلى توضيح الحكمة في إنذار الله ورسوله للمشركين، ومنعهم من حج بيت الله الحرام بعد هذا العام، فقال تعالى:{مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ} - وعلى رأسها المسجد الحرام - {شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} - أي بحالهم ومقالهم، بينما بيوت الله، وأشرفها البيت الحرام، إنما أقيمت للتوحيد لا للشرك، وللإيمان لا للكفر، فعمارة المشركين لها قلب للأوضاع:{أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ * إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ}، وبعمارة المؤمنين لها يعود الحق إلى نصابه، فمن أراد المساهمة في عمارة بيوت الله، عليه قبل كل شيء أن يخلع الشرك ويؤمن بالله، ومن أراد الوقوف فيها بين يدي الله، فلا يأت إليها عريانا على عادة الجاهلية، وليتزين بزينة الله:{فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ}.