حتى يقولوا لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله) فانتظم القرآن والسنة واطردا كما قال القاضي أبو بكر (ابن العربي).
وما يفيد التنبيه إليه في هذا المقام أن هذه الآية دليل قوي للموقف الصارم الذي اتخذه الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه في قتال مانعي الزكاة، فهذه الآية لم تسمح بتخلية سبيل المشركين المعاهدين وعصمة دمائهم إلا بشرط التوبة من الشرك والدخول في الإسلام، والقيام بواجباته الأساسية، وعلى رأسها إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وصدق أبو بكر الصديق رضي الله عنه عندما قال قولته المشهورة:" لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الله قد جمعهما ولم يفرق بينهما". وأعاد كتاب الله نفس المعنى مرة أخرى في هذا الربع، لتقويته في النفوس وتركيزه في الأذهان، فقال تعالى:{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} وفي هذه الآية معنى جديد، وهو معنى " الأخوة " بدلا من معنى " العصبية " ووصف جديد هو وصف " الأخوة في الدين " بدلا من " حمية الجاهلية "، والأخوة في الدين رابطة تقوم على أساس التماثل في الاعتقاد والتفكير والعمل والسلوك، تشبيها لها بتماثل الأخوين ولا سيما إذا كانا شقيقين في كثير من الخصال والخلال، وقد بينت السنة النبوية ما تقتضيه الأخوة في الدين من التزامات أدبية وأخلاقية وعلمية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم).