للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ}، ثم أعطى لهذا الحكم قوة جديدة، فقال في نفس السياق وللمرة الثانية: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}.

وأوضح كتاب الله كيف يكون العمل مع مشركي العرب المعاهدين الذين ضرب لهم أجل أربعة أشهر، إذا انتهى الأجل المضروب لهم دون أن يهتدوا للإسلام، وأصروا على الشرك والمقاومة دون استسلام، فقال تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ}. والمراد بها هنا بالخصوص " أشهر الأمانة الأربعة " التي أباح لهم أن يسيروا أثناءها حيث شاؤوا آمنين على أنفسهم، فمعناها هنا غير معناها في قوله تعالى: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}.

ثم مضى كتاب الله يقول: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}، وذلك لأن جزيرة العرب قضى الله أن تكون خالصة لدين الحق، وأن لا يجتمع فيها إسلام وشرك، {وَخُذُوهُمْ} أي خذوهم أسرى {وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} أي اقصدوهم بالحصار في معاقلهم، وبالرصد في طرقهم ومسالكهم، فإما أن يهتدوا ويسلموا، وإما أن يقاتلوا إلى أن يستسلموا.

ثم بين كتاب الله كيف يكون العمل معهم إذا اختاروا الإسلام دينا، فقال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا} أي تابوا من معصية الشرك والوثنية ومعتقدات الجاهلية، {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

وقوله تعالى هنا: {فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} قد تولت السنة النبوية بيان معناه على أكمل وجه، فقال صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>