للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا يمالئ على المسلمين غيرهم، فهذا هو الذي يوفى له بذمته، ويمتد أجل عهده إلى نهاية مدته. وحضا للمؤمنين على الوفاء بالعهد لهذا الصنف من المعاهدين، قال تعالى في نفس السياق: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} والشأن في المتقي أن يكون وفيا بالعهد، منجزا للوعد.

ويؤخذ من قوله تعالى في هذه الآية: {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا} أن المعاهدين من المشركين كانوا قسمين: قسم منهم ثبت على العهد دون الخيانة ولا ممالأة ضد المسلمين، وهذا القسم هو الذي استثناه كتاب الله من أجل أربعة أشهر، وجعل أجله انتهاء المدة المتعاهد عليها، وقسم منهم خاس بعهده ونقضه، وهذا القسم هو الذي تولى بيان حكم الله فيه قوله تعالى في هذا الربع: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ}.

وزاد هذا الحكم بيانا وتوضيحا قوله تعالى في آية أخرى: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ * أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} الآية. قال القاضي أبو بكر " ابن العربي ": " إنما العهد حكم اقتضاه النظر، والتزمه المسلمون، فإذا نقضه " المعاهد " انتقض كسائر العقود، فإنها تعقد فترتب عليها الأحكام، فإذا نقضت ونسخت ذهبت تلك الأحكام ".

وتأكيدا لنفس الحكم المتعلق بالقسم الأول، وهو الوفاء بالعهد لمن بقي على عهده إلى مدته، قال تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>