أبي حاتم عن ابن عمر، وروي مثله عن ابن عباس وغيره من مفسري السلف، اعتمادا على قوله صلى الله عليه وسلم:(الحج عرفة)، وإما أنه يوم النحر كما روي عن الإمام مالك، نظرا لأنه اليوم الذي ترمى فيه الجمرة، وينحر فيه الهدي، وينقضي فيه الحج، ورجح القاضي أبو بكر " ابن العربي " أن المراد (بيوم الحج الأكبر) الوارد في هذه الآية بالخصوص هو يوم النحر، لثبوت الحديث الصحيح بذلك، إذ قال صلى الله عليه وسلم يوم النحر:(أي يوم هذا؟ أليس يوم الحج الأكبر؟).
وقوله تعالى:{فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} يتضمن الإشارة إلى مبدإ أساسي في الإسلام، هو أن الإسلام يجب ما قبله، وذلك لما انبنى عليه من سماحة ورحمة وعفو، فمهما اقتحم المشركون والكفار من المعاصي والجرائم، وارتكبوا من الموبقات والمآثم، ثم أسلموا وجوههم لله، إلا ونالتهم المغفرة، وقبلت منهم التوبة، ولم يواخذوا بما سلف:{عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} والحكمة في ذلك تأليفهم على الملة، وتسهيل دخولهم في الدين، حتى ينيبوا إلى الله، ويسلموا وجوههم إليه.
أما قوله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} فهو استثناء من ضرب الأجل المحدود بأربعة أشهر، ومعناه من كان لهم من المشركين عهد مؤقت بمدة معينة، فالأجل بالنسبة إليهم هو انتهاء المدة المعينة التي عوهدوا عليها، وفي مثل هؤلاء ورد في الحديث:(إن من كان له عهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعهده إلى مدته) لكن بشرط أن لا ينقض المعاهد منهم عهده، وأن