أفضل من هؤلاء. بل إن المؤمنين أعظم درجة عند الله وأعلى منهم مقاما، وذلك قوله تعالى:{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} وهل هناك ظلم يرتكبه الخلق أكبر من ظلمهم للخالق عندما يشركون به غيره وهو الواحد الأحد؟ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}{الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}.
وبعد أن رد الله على مشركي قريش ادعاءهم، وأبطل فخرهم وكبرياءهم، انتقل إلى مخاطبة المؤمنين، وتعريفهم بأن ولايتهم لله ورسوله، وجهادهم في سبيله، هما في نظر الإسلام معيار الإيمان الوحيد، وأن علاقاتهم مع ذوي قرباهم يجب أن تنظم حسب هذا المعيار الجديد، فمن اختار الإيمان على الكفر، وكان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما والاه المؤمنون، وكانوا له إخوانا وأعوانا، ومن اختار غير ذلك نبذه المؤمنون ظهريا، واعتبروه نسيا منسيا، وذلك قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا} أي اكتسبتموها وحصلتموها {وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا} أي تخافون نقصان قيمتها {وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا} أي تحبونها لطيبها وحسنها {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ