ويمضي كتاب الله في كشف النقاب عن نفسية المنافقين ووصف انطباعهم عن الأحداث الكبرى التي يواجهها الرسول والمؤمنون، فقال تعالى:{إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ}.
ثم لقن كتاب الله نبيه والمؤمنين ما يواجهون به جميع الأحداث والنوازل كيفما كانت، في السراء والضراء، والشدة والرخاء، من الثبات واليقين والإيمان الراسخ، فقال تعالى مخاطبا لنبيه:{قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.
وتعرض كتاب الله بعد ذلك لموقف الرسول والمؤمنين من دسائس المنافقين ونواياهم السيئة نحو المسلمين، وبين أن الله تعالى لا يقبل من تصرفاتهم الباطلة صرفا ولا عدلا، فقال تعالى:{قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} أي ماذا تنتظرون بنا غير الموت في سبيل الله أو النصر عليكم، وكل واحدة منهما في حد ذاتها {حُسْنَى} عندنا وعند الله، لا {سُّوأَى} كما تتمنون: {وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ * قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ}.
وبين كتاب الله السر في إحباط نفقات المنافقين وعدم قبولها عند الله، فقال تعالى:{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ}. وواضح أن من سلك مثل مسلك المنافقين من