إبراهيم فيشرح حقيقتها، ويعيد الحق في شأنها إلى نصابه، كما يتناول بالذكر مقام إبراهيم، والبيت الحرام الذي أسسه باسم الله، ولأجل عبادته وحده لا شريك له، فكان أول بيت وضع للناس.
وفي هذا السياق المنسجم المتناسق يكشف القرآن الكريم عن حقائق أساسية، دينية وتاريخية، هو أول من كشف عنها الستار، ولفت إليها الأنظار.
- الحقيقة الأولى: إن ملة إبراهيم، القائمة على توحيد الله، وإفراده بالألوهية والربوبية دون سواه، كانت ولا تزال وستظل دائما هي الملة الوحيدة التي بعث الله بها كافة الأنبياء والرسل، والعقيدة الجوهرية التي أوحى الله بها إلى الناس، وطالبهم بالإيمان بها في كتبه المنزلة، تعريفا للخلق بخالقهم بديع السموات والأرض {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} - {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ}
- الحقيقة الثانية: إن ملة إبراهيم هي وحدها الدين الخالد الذي توارثه الأنبياء والرسل، وتواصوا به خلفا عن سلف، وأبا عن جد، وعاشوا في سبيله دون تبديل ولا تغيير {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} وفي مثل هذا المعنى نزل قوله تعالى في سورة الشورى: {شَرَعَ لَكُمْ